الان هي لحظات النسيان .. كل المخاوف والقلق والمعاناة .. وتساؤلات عدة .. ومحاولات فهم .. كل هذا يتساقط الان ويختفي ..
تخيل ان ذاكرتك عبارة عن جدار طويل يمتد بامتداد حياتك .. وانت دوما تسير مجاورا لهذا الجدار .. انت تبنيه كلما تقدمت خطوة .. احداث حياتك هي قطع القرميد .. محادثاتك وكلامك هو الملاط الذي تبني عليه الاحداث .. وتلك الصور والمشاهدات والوجوه التي في محيط حياتك، التي تراها في الجرائد، التي تشاهدها في التلفاز ، شخصيات مشهورة واخري معدومة طي النسيان ، وجوه تتكرر واخري تراها للحظات ثم تختفي من ذاكرتك للابد .. لا باس من مقاطع فيديو بالابيض والاسود لمشاجراتك وانت صغير، وانت تركب القطار والمشاهد تجري اما عينيك، او مشاهد من افلامك المفضلة .. كل هذا هو ما يزين ذلك الجدار .. ولا باس من اغنية تسد بها هذا الفاصل بين قطع القرميد .. او بيت شعر قراته، كتاب او رواية تعلقها علي هذا الجدار لتزيينه ..
وانت تبني هذا الجدار فانك تذكر كل تفاصيله .. كل كلمة وكل لحظة الم او سعادة .. ادق التفاصيل .. لكنك كلما تمضي قدما لتبني جزء جديد تبتعد عما بنيته بالامس او منذ اسبوع او شهر .. وانت تتذكر بصورة تقريبية مجملة كيف كانت اجزء الجدار الذي بنيته العام الماضي .. فقط هي الاحداث الكبيرة العاصفة .. تنظر خلفك وتجد ان الجدار غير واضح المعالم .. تحاول ان تدقق النظر تجد ان الكثير منه تهاوي وتلاشي .. التفاصيل اليومية الصغيرة اطاحت بها نسمات الهواء الرقيقة .. كل الصور وصفحات المجلات والجرائد تطايرت في الهواء وتبعثرت .. وكلما حاولت ان تنظر الي مسافة ابعد كانت صورة هذا الجدار اصغر في نظرك وكانت التفاصيل باهتة ينتابها احيانا بعض الزيغ البصري .. ويغلفها الظلام ..
جدار تساقط بفعل الزمن ولم تبقي منه غير الاحداث الكبري تماما مثل الحضارات القديمة اندثرت ولم يبقي منها غير ما يشهد علي وجودها .. كلما توقفت للحظات تنظر خلفك تجد ان ذاكرتك تتاكل وتتلاشي كلما مضيت قدما .. وفي صمت تسمع من بعيد صدي الصرخة الاولي .. تلك التي بدات بها حياتك .. انت سمعتها وقد لا تذكرها .. لكنها كانت بداية هذا الجدار الذي تسير بجواره ويسير وفق خطاك ..
هذه هي ذاكرتك يا فتي ..
1 التعليقات:
هذه هي الذاكرة
وهذا جدارها
الذي تهدم أجزائه بعض أحداثنا الجديدة
وما أصعب الحياة حين تبدء في فقدان أجزاء من ذاك الجدار على غفلة منك
إرسال تعليق